Monday 20 July 2020

القمص/ مكسيموس مشرقى

 من كتاب " رائحة المسيح فى حياة أبرار معاصرين"

القمص/ مكسيموس مشرقى 

راعى كنيسة العذراء المراغة سوهاج

القمص/ مكسيموس مشرقى

   يقول أبونا لوقا سيداروس عنه الذي إعتقل معه لكن في 

زنزانة أخري :

  كنا في الصباح الباكر في كل يوم نصحو على صوت كنسي فيه عزاء كبير، يصلى مقتطفات من القداس الألهى، وكنا نسمعه يسبح بنغم روحي يزيح عن النفس الكمد الذي كان يشيعه جو السجن وحرس السجن. كان هذا الأب الكاهن من سوهاج، و بمرور الأيام أصبح عمله هذا كصياح الديك في الفجر، ينبئ دائما بإنقشاع الظلام. كانت الزنزانة التي أقيم فيها في منتصف العنبر المكون من ثلاثة أضلاع، و كان هذا الأب يقيم في زنزانة في طرف الضلع الأول، فلم تكن هناك فرصة لأتحدث عنه أو أراه، وكان الحمام الوحيد بالعنبر بجوار زنزانتى، فكان عندما يأتى عليه الدور ليستحم كنت أراه، فكان يسلم علىَّ وهو لا يعرفنى وأنا أراه من طاقة الزنزانة التي لا تزيد عن قبضة اليد .. ولأنه كان مصابا بحساسية فى الصدر سمحوا له بحمام يومي ..

   كان وهو فى الحمام أيضا يصلى، ولكنه يصلى الأواشى فقط عن سلام الكنيسة 

وأوشية الآباء .. 

ولما دققت السمع فيما يصلى وجدته يقول الرئيس والجند والمشيرين نيحهم جميعا ... 

لم يكن أحد من الحراس أو الضباط يفهم شيئا وكان بعض الآباء يقولون آمين .. 

ولم تمض سوى أيام حتى صنع الرب صنيعه العجيب وإستجاب. 

وبعدها إنتقلنا جميعا إلى سجن بوادى النطرون، وعشنا جميعاً فى عنبر واحد، وتعرف 

بعضنا ببعض عن قرب شديد، إذ قد عشنا معا عدة شهور.

   قال لي مرة ونحن نتكلم عن أعمال الله، أن من أعجب القصص التي عاشها في خدمته إنهم أيقظوه يوم سبت النور بعد أن سهر الكنيسة حتى الصباح بعد إنتهاء القداس الألهى الساعة السابعة صباحاً ثم ذهب لبيته ليستريح .. أيقظوه بإنزعاج وقالوا له قم أعمل جنازة .. قام من نومه العميق منزعجا، وسأل من الذي مات؟ قالوا له الولد فلان .. أبن ثلاثة عشر عاما. لم يكن الولد مريضا ولكن في فجر اليوم وجدوه ميتا ... و حزن أهل الصعيد صعب و صلوات الجنازات رهيبة ... لاسيما إذا كان موت مفاجئ أو ولد صغير السن. قام الأب وهو يجمع ذهنه بعد، مغلوبا من النوم، فكأنه كان تحت تأثير مخدر ... لم يستوعب الأمر.

   كان يعمل كل شيء كأنه آلة تعمل بلا إدراك، غسل وجهه وذهب إلى الكنيسة، وجد 

الناس في حالة هياج وعويل. دخل هذا الكاهن الطيب، باكياً مشاركا شعبه، وضعوا 

الصندوق أمامه، وكان لهم عادة في بلده أن يفتحوا الصندوق ويصلى على المتوفى 

والصندوق مفتوح. صلى صلاة الشكر، ثم رفع صليبه، وبدلا من أن يصلى أوشية 

الراقدين، صلى أوشية المرضى بغير قصد ولا إدراك، كان كأنه مازال نائماً .. 

وفيما هو يصلى تعهدهم بالمراحم والرأفات .. أشفيهم، إذ بالصبى يتحرك وهو مسجى 

فى الصندوق .. 

   قال: لم أصدق عينى، جسمى كله أقشعر. تجمد في مكانه ولكنه أكمل الصلاة، وزادت حركة الصبى .. صرخ الكاهن، إنه حي، هاجت الدنيا حوله .. فكوا الولد من الأكفان .. إنه حي .. سرت موجة فرح الحياة .. إنقشعت أحزان الموت .. إنه يوم سبت النور، يوم كسر المسيح شوكة الموت.
   كان يحكى هذه الحادثة العجيبة، التى هى أعجب من الخيال، وكأنه لم يكن له شأن فيها، بل كان متفرجا ومندهشا، لم يكن الرجل ينسب لنفسه شيئا ولم تكن نفسه محسوبة فى نفسه شيئا، ولكن الواقع إنه كان رجل الله .. وقد إنضم إلى مصاف الكهنة السمائيين وأنتقل من هذا العالم الزائل بعد أن خرج من السجن بسنوات قليلة. أرتقت روحه المسبحة إلى طغمة الذين يسبحون الرب بلا سكوت و بلا فتور...

الإسم العلماني : أ. إبراهيم مشرقي .

تاريخ الميلاد : ١٩٣٥م.

محل الميلاد : المراغة، سوهاج، مصر.

حاصل على : دبلوم الكلية الإكليريكية سنة ١٩٦٢م.

تاريخ الرسامة : ١٩ مايو ١٩٦٣م.

رُسِمَ بيد : الأنبا أنطونيوس.

الخدمة في : كنيسة العذراء مريم القبطية الأرثوذكسية، المراغة، سوهاج، مصر.

كان من ضمن مَنْ تعرَّضوا للإعتقال من خلال قرارات سيادة الرئيس محمد أنور 

السادات الخاطئة (قرارات التحفُّظ في سبتمبر١٩٨١م)، وتم ذلك في سجن المرج.

No comments:

Post a Comment

من الشخصيات النسائية فى العهد القديم دبورة الأولي     معنى الإسم : دبورة اسم عبرى معناه نحلة   ذكر الكتاب المقدس سيدتين تسميتا بهذا ا...