الأنبا موسي الأسود

في عيد إستشهاد الأنبا موسي الأسود
١ يوليو ٢٠٢٠م - ٢٤ بؤونه ١٧٣٦
ش

الأنبا موسي الأسود

لصاحب النيافة الحبر الجليل 
                الأنبا مكاريوس أسقف المنيا 

الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا


 

                               



          موسى الأسود بين سيدين

       إرتبطت حياة القديس موسى الأسود 

بشخصيتين محوريتين :

                       إحداهما قَبل توبته 

                         والثانية بعدها .

الشخصية الأولى (قبل التوبة)

الشخصية الثانية (بعد التوبة)

السيد الظالم الذي أساء معاملته فهرب منه

الأب المترفّق الذي قبله وضمّه إليه في حنو

إن السيد الذي ظلمه لا يمكن أن يُدعَى أبًا حتى ولو كان أبًا بالجسد

بينما الأب الحقيقي لا يمكن أن يتسيّد على أولاده

حوّله إلى مجرم ورئيس عصابة من اللصوص

حوّله إلى أب ومدبر لـ"عصبة" من الرهبان تجاوزت الخمس مئة

تعامل معه بإعتباره عبدًا يمتلكه مثل قطع الأثاث والحيوانات، لا قيمة لحياته

تعامل معه بإعتباره إنسانًا مات المسيح عنه بحب.

 

قدّم له نموذجًا للإنسان متى تعجرف وتصلّف

قدّم أروع نموذج في الإتضاع الإلهي.

أظهر البشر في أردأ صورة عندما يملكون السلطة قدّم له نموذجًا للإنسان متى تعجرف وتصلّف مع القليل من حطام العالم

أظهر أروع صورة لله مالك كل شيء وكل أحد ومعطي الخيرات.

أشعره أن الإنسان بلا قيمة

أظهر له قيمة الإنسان عند الله مهما كان خاطئًا

قضى على بقية الأخلاق التي إكتسبها موسى قبل العمل عنده

إستردها وأراه كيف ينمو فيها، فأيقظ الإنسان الصالح الذي فيه (يبدو أن كلًّا منّا فيه بذرة صلاح وبذرة فساد.(

كان يعيّره بسواد بشرته

أشار إلى بياض قلبه ونقاوته.

إنتهج معه نهج العقاب والإنتقام متى أخطأ

تلمذه على غفران الله وطول أناته.

تسيّد عليه

أكّد له أن الله جعله سيدًا على الخليقة.

إستمد سلطته من المال والسيف والحيثية

جاهر بضعفه متضعًا.

هرب منه موسى إلى غير رجعة،

التجأ إليه موسى 11 مرة في ليلة واحدة!

كان السيد بينما كان موسى هو العبد

قدمه على نفسه ودفعه للأمام وتوارى هو في الظل

شكّ فيه وأذلّه،

وثق فيه وشجعه

دفع موسى ليؤذي الكثيرين إنتقامًا من سيده

علّمه كيف يغفر بإتضاع، وظهر ذلك في تعامله مع اللصوص الأربعة.

دفعه لحمل السيف والإنتقام

علّمه حمل كيس الرمل على ظهره ولوم ذاته وحده، والغفران للآخرين

نسى أنه عندما أساء إليه، فقد تسبّب في الإساءة إلى كثيرين لا يعرفهم هو ولا يعرفونه

علّمه كيف يحسن إلى كل إنسان ويحتمل كل إنسان

إذًا لقد آذى السيد الأول كثيرين من خلال موسى

بينما أفاد وربح السيد الآخر كثيرين من خلال نفس الشخص

ألّه ذاته وإتخذ مكان الله،

قدّم الله ومجّده وإختفى خلف الصليب

بينما كانت السمة الغالبة على السيد الأول كبرياؤه

كانت السمة الغالبة على الثاني هي إتضاعه

كاد يقتله

سلّمه كيف يكون شجاعًا ولا يهاب الموت

ونحن لا نعرف للسيد الجديد مقولات كثيرة، ولكن تلميذه أثرى التراث النسكي بالعديد من الأقوال التي صارت نبراسًا للرهبان من بعده.

مات السيد الظالم ودخل التاريخ من باب الشر، مَثَله مَثَل الأشرار الخالدين

بينما ما يزال القديس إيسيذورس يحيا في وجداننا.

مات السيد ولا يعرف أحد أين يوجد قبره،

فما يزال خالدًا كرمز من رموز الأبوة الحقيقية والإحتواء، نتبارك من جسده المقدس كل يوم.


لعلّنا مما سبق نفهم سر تحول موسى اللص، إلى الشهيد القديس القوي الأنبا موسى...

حسنًا قال لي أحد أصدقائي في رسالة كتبها لي بعد سيامتي أسقفا: " إسمح لي أن أدعوك ’أبونا‘ وليس ’سيدنا‘، لأن الأبوة أغلى من السيادة "

No comments:

Post a Comment