سفير فى سلاسل



الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا

ســفير في سـلاســل

مقال لنيافة الأنبا مكاريوس 

الأسـقف العام بالمنيا


بالعدد الصادر لمجلة الكرازة بتاريخ

 ٢٦يونيو ٢٠٢٠م - ١٩ بؤونه ٦٣٧١ش

   عندما وقف القديس بولس ليُحاكم أمام فيلكس الوالي رفع يده محُتجًا : 

" إلى قيصر أنا رافع دعواي! " (أعمال ٢٥: ١١) 

القديس بولس الرسول

   وهنا لم يجد الوالي مفراً من إرساله إلى روما ليُحاكم هناك أمام القيصر، إذ كان من حق أي مواطن روماني أن يطلب محاكمته أمام القيصر ذاته والذى كان يسرْه ذلك بالطبع إذ يُشعره بثقة الشعب فيه وعدله. غير أن القيصر لم يكن مستعداً دائماً للجلوس لينظر قضايا الشعب، ومن ثم تتراكم القضايا ليصبح العدد ضخماً ينظره في فترات متباعدة، ولذلك فقد سُمح للقديس بولس أن يستأجر له بيتاً يعيش فيه، ريثما يأتي الوقت الذي يجلس فيه القيصر للقضاء وينظر فيه مظلمته . غير أن بقاءه في بيت أستأجره  ( فيما يشبه الآن السجون المفتوحة ) كان يستلزم وجود حارس روماني يلازمه عن طريق " قيد" يُربط بين اليد اليمنى للأسير واليد اليسرى للجندي، في ورديات تتغير كل ثماني ساعات .

   كان الجندي بطبيعة الحال ملتصقاً بالقديس بولس، فيسمع صلاته وتسبيحه وقراءاته في الكتب المقدسة، ويسمع كذلك العظات التي يلقيها على ضيوفه وردوده على أسئلتهم، ويسمع كذلك ما يمليه القديس من رسائل يرسلها إلى الكنائس ...

   فتكون النتيجة أن يتعلق الجندي بالمسيح ويصبح مسيحياً، أفما يكفيه من القديس بولس ثماني ساعات كاملة لصيقاً به، معايشاً له، مقدماً له قدوة في القول والفعل؟!

   إذاً لقد كان القديس يقدم للكنيسة ثلاثة مسيحين في اليوم الواحد (هم جنود الورديات الثلاثة)، فإذا كان قد مكث في ذلك السجن سنتين فقد قدم ألفى مسيحي وهو مسجون!! أما أولئك الجنود فقد كانوا من الحرس الإمبراطوري، وهو الكتيبة التي تحتل ثكنة عسكرية بجوار القصر الإمبراطوري، والمنوطة بحراسة القصر ومدينة روما. وكان كل جندي بطبيعة الحال يتحدث مع من حوله عن خبرته الجديدة مما أسهم في نشر المسيحية في روما.

   وهناك إشارات إلى مثل ذلك في بعض رسائل القديس بولس .

" يسلم عليكم جميع القديسين ولاسيما الذين من بيت قيصر" (فيلبي ٤ : ٢٢)

" الذى لأجله أنا سفير في سلاسل، لكى أجاهر فيه كما يجب أن أتكلم " (أفسس٦: ٢٠)

للتحميل من هنا

No comments:

Post a Comment