Monday, 13 July 2020

شخصيات نسائية من الكتاب المقدس (الشخصية رقم 4 دبورة الثانية)

شخصيات نسائية من العهد القديم

دبورة الثانية
دبورة (القاضية) التي تميزت بالوطنية

دبورة الثانية دبورة (القاضية) التي تميزت بالوطنية

المرجع الكتابي: (قض٤، ٥، عب١١:٣٢ -٣٤ )

معنى الإسم : إسم عبري معناه نحلة .

   لا نعرف من الكتاب المقدس خبراً عن منشأة دبورة، أو مواهبها التي أهلتها لأن تكون نبية وقاضية لإسرائيل. إن تأملنا إسمها فهو يعنى نحلة ولو سألنا، لماذا سُميت بهذا الإسم ؟ نظن أن الوالدين تأثراً بسيرة دبورة الأولى الحاضنة لعائلة إسحق ويعقوب، والتي عُرفت بصبرها وجهادها، وخدمتها بأمانة وتضحية، بدون ضجر أو أنانية أو تذمر.

  مقدمة :

   بدراسة حياة دبورة الثانية، نجد أنها كإسمها نحلة جاهدت في إرشاد الشعب الإسرائيلي لطريق الله، وإشتاقت خلاصه من تهديد سيسرا رئيس جيش يابين ملك كنعان الذي ملك في حاصور. إن دبورة جمعت كنحلة عسلها من زهور كثيرة، وإنتصرت على أعداء وطنها. إن كانت النحلة أذكى الحشرات الطائرة، كذلك كانت دبورة أذكى قضاة إسرائيل في تدبيرها وجهادها.

   الروابط العائلية :

   كل ما نعرفه عن نسبها أنها زوجة فيدُوت (قض ٤: ٤) ولم يذكر الكتاب المقدس نسب هذا الرجل وعائلته، بل اكتفى بإسمه فقط. وكان بيتهما بين الرامة وبيت إيل في جبل إفرايم.

   حياة دبورة :

   حكمت دبورة في بنى إسرائيل وهى جالسة تحت نخلة. ويُظَّن أن بيتها كان بجوار هذه النخلة. (يلاحظ أن النخل نادر نموه في فلسطين) وكانت دبورة قاضية مكرمة في عملها ووسط شعبها، لذلك سُميت النخلة بإسمها ⸨ نخلة دبورة (قض ٤: ٥) وأقاموها أُماً في إسرائيل (قض ٥: ٧) مع إنها لم تلد بنيناً لفيدُوت.

   لقد ظهرت هذه السيدة في التاريخ بعقلها الراجح، وفكرها الناضج، وبصمتها الواضحة على مجرى الحوادث. فإقتنت لنفسها كرامة لا يمحوها الزمن. وتجلّت بسموها الروحي، وعلاقتها القوية مع الله. لذلك رفعها الله ووهب لها مواهب كثيرة: من عقل راجح، وشجاعة نادرة، وقيادة ناجحة بحكمة فائقة لجيش كبير. فصارت رمزاً لعمل المرأة المتفاني . وأخيراً توجها بإكليل مجد إلى أبد الدهور .

   لقد شغلت دبورة مراكز عدة :

   كانت ثائرة :

   من وسائل الثورة إجراء حوار شامل في المجتمع لخلق التغيير المطلوب، فثارت دبورة على الحالة الروحية السيئة التي وصل إليها الشعب الإسرائيلي بعد موت أهود القاضي السابق لها، إذ عاد بنو إسرائيل وعملوا لشر في عيني الرب، فباعهم الرب واستعبدوا بيد يابين ملك كنعان. فقدوا حريتهم، وصاروا تحت عبودية الكنعانيين. لقد خذل حكام إسرائيل، وصار الشعب في خوف ومَذلة، وشملهم روح ضعف وخوف من الكنعانيين، وقطعوا الرجاء في الحرية.

   لم تقم دبورة بعملها كقاضية لإسرائيل، أو نبيّه لهم، بل حرّكت الشعب وحثته على القيام من سباته وعدم مبالاته ويأسه وقنوطه. كانت جسورة في دعوتها لتحرير الشعب، وعتقه من عبودية إبليس، وعبودية يابين. عملت بإخلاص وتفانٍ لإثارة الوعى الروحي واليقظة النفسية للخلاص من المستعمرين. يوماً بعد يوم، ومثَابرة وجهاد، أثارت الذين سمعوها. إلتفوا حولها، وكانت النخلة التي تجلس تحتها مركز تجمعهم. لقد حثتهم على الخلاص أولاً من فعل الخطية وعمل الشر في عيني الرب، حتى يرجع وينظر إليهم ويحارب عنهم، ويخلصهم من أعدائهم .

   كانت قاضية :

دبورة الثانية دبورة (القاضية) التي تميزت بالوطنية

   دبورة الخامسة في قضاة إسرائيل الذين أقامهم الله لخلاص الشعب من عبادة الأوثان، وحياة الخطية. في هذا العصر كان ينظر للمرأة أنها أقل مركزاً من الرجل، لذلك كان مركز دبورة مرموقاً وحساساً. لقد استطاعت أن تملأ مركزها كقاضية وتعطيه حقه، فكان كل بنو إسرائيل يصعدون إليها للقضاء. وتحت النخلة التي سميت بإسمها أقامت العدالة بإستقامة ورحمة. بروحانيتها وحكمتها وشجاعتها هزت سيسرا القائد الشرس وإستراحت الأرض أربعين سنة.

   كانت محاربة :

   كما حاربت دبورة لتثَبْيت كلمة الله في نفوس الشعب. وإنتصرت على الشيطان ونزعته من قلوب سامعيها من بنى إسرائيل. كذلك بددت نير عبودية يابين ملك الكنعانيين فأثبتت بالحقيقة أنها بطلة ملهمة تتكلم وتتصرف بروح الله.

   أرسلت دبورة ودعت باراق بن أبينوعم من قادش من عشيرة نفتالي، وقالت له : لقد أمرك الله أن تذهب إلى جبل تابور، وخذ معك عشرة آلاف رجل من بنى نفتالي ومن بنى زبُولون، وسيجذب إليك إلى نهر قيشون سيسرا رئيس جيش يابين بمركباته وجمهوره ويدفعه ليدك. تردد باراق في إستجابه أمر الله لكثرة الهزائم السابقة المتلاحقه، ومن ثقل العبودية التي ذاقها الشعب. ومع ذلك إمتلأ قلبه بالإيمان بالله، لثقته الكاملة في روحانية دبورة، وعلاقتها بالله، وقيادة الله لخطواتها. قال باراق لدبورة :  إن ذهبت معي أذهب وإن لم تذهبي معي فلا أذهب 

دبورة الثانية دبورة (القاضية) التي تميزت بالوطنية

   إستجابت دبورة لشرط باراق، وذهبت معه إلى قادش.

   لم تكن كفتا ميزان الحرب بين سيسرا وباراق متوازنة : سيسرا رجل حرب، وأرعب إسرائيل سنيناً عديدة وإستعبدهم، وجيشه مكون من مائة ألف محارب، وتسع مئة مركبة من حديد. أما باراق لم يكن له خبرة في قيادة الجيوش، والذين خرجوا معه للحرب عشرة آلاف شخص فقط ولكن الله كان مع دبورة، وهو قائد جيشها، ومكمل لضعفها، وإن كان الله معنا فمَنْ علينا !!

   بإيمان عميق بالرب قالت دبورة لباراق :  هذا هو اليوم الذى دفع فيه الرب سيسرا ليدك. ألم يخرج الرب قدامك  إنها تكلمت معه بثقة ورؤية إلهية، وكان مع دبورة ما هو أقوى من جيش سيسرا  السماء .

   حاربت الكواكب السمائية مع دبورة، وحدثت زوبعة بردية بها أزعج الرب سيسرا ومركباته وجيشه. لقد أعمت الأمطار الشديدة والبرد الكنعانيين أمام باراق. فنزل سيسرا عن مركبته، وهرب مشياً على رجليه، وسقط كل جيش سيسرا بحد السيف ولم يبق منهم ولا واحد. هرب سيسرا إلى خيمة ياعيل إمرأة حابر القيني فقتلته وهو نائم بوتد الخيمة.

   لقد إقتنت دبورة شهرة أبدية كسيدة محاربة خلّصت شعبها من العبودية وتم معها ما قاله أليشع لخادمه :  لا تخف لأن الذين معنا أكثر من الذين معهم 

   كانت شاعرة :

   دبورة لم تتنبأ، ولا أقامت الشريعة في إسرائيل، ولم تحارب فحسب ولكنها كانت أديبة وكاتبة. فنظمت أغنية للرب تُعتبر من أجل القطع الشعرية في الأدب العبري. هذه التسبحة مكتوبة في الإصحاحين الرابع والخامس من سفر القضاة وهى متناسقة مع الحوادث التاريخية. إنها فاقت تسبحة مريم أخت هارون قوة وتنظيماً.

   هذا جزء من أشعار دبورة :

⸨ فَتَرَنَّمَتْ دَبُورَةُ وَبَارَاقُ بْنُ أَبِينُوعَمَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَائِلَيْنِ لأَجْلِ قِيَادَةِ الْقُّوَادِ فِي إِسْرَائِيلَ، لأَجْلِ طَاعَةِ الشَّعْبِ، بَارِكُوا الرَّبَّ. إسْمَعُوا أَيُّهَا الْمُلُوكُ وَإصْغُوا أَيُّهَا الْعُظَمَاءُ. أَنَا، أَنَا لِلرَّبِّ أَتَرَنَّمُ. أُزَمِّرُ لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. يَا رَبُّ بِخُرُوجِكَ مِنْ سَعِيرَ، بِصُعُودِكَ مِنْ صَحْرَاءِ أَدُومَ، الأَرْضُ إرْتَعَدَتِ. السَّمَاوَاتُ أَيْضاً قَطَرَتْ. كَذَلِكَ السُّحُبُ قَطَرَتْ مَاءً. تَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، وَسِينَاءُ هَذَا مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ  وتُعبَّر دبورة في هذه الأنشودة بأن الرب نفسه قد هيأ إنتصار إسرائيل على أعدائهم .

    نتعلم من حياة دبورة :

   - لن نجد شخصية متكاملة في العهد القديم ذات مزايا وأعمال ظاهرة ومجسمة مثل دبورة فهي نبية وقاضية ومحاربة وشاعرة. لقد نقَّت السلوك الأخلاقي للشعب، وبثت فيه روح الحب لله، ثم حررته من أعدائه بجرأتها ونشاطها في قيادته .

   - إن نضالها المجيد وأمانتها أصبغ عليها لقباً شرفياً أنها  أُماً في إسرائيل  (قض ٥: ٧). لنتأمل السيد المسيح وهو يجمع الأطفال ويحتضنهم ويباركهم. لم يكن ليسوع أطفالاً بالجسد لكنه تبنى كل الأطفال. كذلك دبورة التي لم تمارس الأمومة الجسدية العائلية، صارت أُماً لجميع إسرائيل، وينبوع روح أُمومتها كان تقواها وإيمانها.

   - إن ثقتها بالله فاقت كل مواهبها وهذا هو سر نجاحها .

   ـ عندما جلست تحت النخلة لتحكم بالحق، وتتكلم بالرؤيا الإلهية، إمتلأ قلبها بالنعمة السمائية وتكلمت مع باراق ليحارب. لقد نجحت في عملها وحربها، وكلامها، وتسبيحتها، لأن قلبها ثابت في الله .

   ـ خُذل حكام إسرائيل لأنهم تركوا الرب وإتكلوا على فهمهم ومعرفتهم، أما دبورة نجحت لأنها إلتصقت بالرب، وإنتظرت تدبيره. إنها خدمته بأقصى إمكانياتها وطاقتها.

   ـ لقد حارت حروب الرب وبين شفتيها تسبحة وفى يديها سيفاً.

  لتتعلم كل نساء الكنيسة طريق النجاح من دبورة بالتمسك بالله، والتسامي عن الذات، والعمل الجاد بكل الطاقة والإدراك .


1 comment:

  1. لتتعلم كل نساء الكنيسة طريق النجاح من دبورة بالتمسك بالله، والتسامي عن الذات، والعمل الجاد بكل الطاقة والإدراك .

    ReplyDelete

من الشخصيات النسائية فى العهد القديم دبورة الأولي     معنى الإسم : دبورة اسم عبرى معناه نحلة   ذكر الكتاب المقدس سيدتين تسميتا بهذا ا...